حين ارتقى رفعت الجعبة شهيداً، لم يكن قد أتم عامه الثاني والعشرين، ولكنه رغم ذلك ترك خلفه أثراً طيباً عطراً ما زال ممتداً حتى اليوم، واليوم يمضي على استشهاده 19 عاماً، وتعود كأنها البارحة.
بكل الهدوء الذي عرف عنه مضى الجعبة نحو شهادته، لكنه لم يكد يصل إلى وجهته حتى عاجلته الشهادة قبل أن يخرج من حدود المدينة التي أحب.
ولد الشهيد القسامي رفعت خليل عبد الرحمن الجعبة في حي البصة جنوب غرب مدينة الخليل في تاريخ 2/11/1980، وعرف عنه التدين والهدوء، كما برز تعلقه بالمساجد منذ نعومة أظفاره، حتى غدا المسجد جزءاً منه وهو جزء من المسجد وجدرانه وأذانه وقرآنه، وإن كان قد اشتُهر رفعت بشيء فهو هدوئه وحنيته
بين إخوانه الخمسة وشقيقته الوحيدة جاء رفعت، وبين جنبات خليل الرحمن درس المرحلة الثانوية وأتمها حتى التحق بجامعة البولتكنيك، وتخصص في مجال النقل والتوزيع، ورغم بروز انتماءه وقربه من الكتلة الإسلامية في الجامعة، ومشاركته في مختلف أنشطتها وفعالياتها، إلا أنه لم يكمل سنواته الجامعية واستشهد في سنته الثانية.
يقول من عرف رفعت بأنه كان كتلةً من النشاط، محركاً لا يهدأ في مجال العمل الإسلامي والدعوي، مقبلاً على قراءة القرآن الكريم، وزاده إقبالاً وفاة شقيقته إيناس عن عمر 27 عاماً، في تلك الفترة واظب رفعت على قراءة سورة الأنعام يومياً على روح إيناس، وأكمل قراءته لأربعين مرة حتى ألحقته الشهادة بها في اليوم 41 من وفاتها.
بعد صلاة الفجر انطلق رفعت مقبلاً على الموت والشهادة، أدى صلاة الصبح وتحزم بالمتفجرات ثم انطلق نحو وجهته، لكن الحزام الناسف انفجر قبل أن يصل إلى نهاية طريقه، وأثناء مروره من أمام سوق المدينة المنورة في منطقة باب الزاوية، هناك حيث تناثرت أشلاؤه الطاهرة، والتحق بشقيقته إيناس، ومضى في درب الشهادة، مقبلاً غير مدبر.